23-Aug-2021
غزة - لم تترك إيمان الطيب
للصدفة أن تُحدّد مستقبلها وشغفها، فبمجرد أن لمحت تلك الأوراق الطويلة الرقيقة
الملفوفة ذات الألوان الزاهية عبر شبكة الإنترنت سُحرت بها، وقرّرت أن تتعلّم فن
"الكويلينج" القائم على تلك الأوراق، فلم تترك فيديو عبر موقع يوتيوب
يعلّم هذا الفن إلا تابعته، حتى أتقنته وتميّزت به.
وتقوم فكرة
"الكويلينج" على لف الورق المقوى الملون وتشريحه بشكل متساو في الطول
والسمك بواسطة أدوات خاصة وتشكيله على لوحة، تعبر عن موضوعات مختلفة كالمناسبات
وأعياد الميلاد والأفراح والتخرج وغيرها.
إيمان الطيب -24 عامًا -خريجة
اللغة العربية نجحت نجاحًا كبيرًا في ممارسة فن "لف الورق" الذي أبهر كل
من رآه، فتقول لـ "الشرق": "بمجرد أن عرضتُ أول عمل لي على حسابي
فيس بوك أبدى الجميع من أصدقائي إعجابهم الشديد بعملي خاصة وأنه فن جديد من حولنا
ولم يروه من قبل".
وتضيف: "لأن هذا الفن
ليس شائعًا في غزة، فالأدوات اللازمة له لم تكن متوفرة على بساطتها، لكن ذلك لم
يوقفني عن حب العمل فيه والمواصلة، حيث وجدتُ البدائل رغم أنها تأخذ وقتا أكبر
لإنجاز العمل لكنها كانت تفي بالغرض".
وتواصل: "في السنوات
الأولى لتعلمي هذا الفن كنت أقضي الساعات الطويلة في تجهيز لوحة واحدة فقط، لكن
الممارسة والرغبة في التحدي والشغف الذي يجتاحني دفعني للاستمرار وعدم التوقف".
وكان أول عمل لإيمان حين كانت
في الثامنة عشرة من العمر حيث شاركت بمعرض للخط العربي مع الفنانين الكبار وكانت
أصغرهم حينها، فقدّمت الخط العربي بقصاصات الورق فكان الاختلاف والتفرّد فيما
قدّمته تميزًا واضحًا".
أصبح هذا الفن في مقدمة
الفنون الجديدة في غزة وغير التقليدية، فكان له ظهور مميز منح إيمان لقب
"ملكة الورق" لدورها في تطوير هذا الفن وللأشكال الجميلة التي تصنعها
بالورق، ولأنها الأولى في قطاع غزّة التي تعلمته وعلمته، وتعبر: "لم أكتف
بتعلمه إنما قمت بتدريب الصغار على صنع أشكال جميلة به من خلال تقديم الدورات
التدريبية لهم".
استحقت إيمان هذا اللقب
بجدارة بعد أن حولت القصاصات الهادئة الساكنة للوحات إبداعية مميزة تنطق بهموم غزة
وقضايا فلسطين وتعكس جمال الطبيعة ومشاهدها الخلابة.
شاركت إيمان في العديد من
المعارض، فيما بات فنها يزين العديد من الهدايا حتى انضمت لفريق إعداد الهدايا
الشهير في غزة والمعروف باسم "Surprise
Company".
وتشير إلى أن مواقع التواصل
الاجتماعي كان لها الدور الأبرز في شهرتها وتعرف الناس على فنها والتواصل معها
لطلب الهدايا، مبينة أن الإنسان بطبعه يميلُ للشيء المثير والغريب لذا لاقى فنها
غير التقليدي إقبالًا كبيرًا من الناس في غزة.
وتحاول إيمان الخروج عن
المألوف حيث بدأت في رسم لوحات بتلك القصاصات كإكسسوارات للزينة في الأفراح
والمناسبات المختلفة ومنها الرسم فوق لوحات زجاجية تقدم باسم العروسين وتعلق في حجرات
الضيافة.
وتؤكد أن
"الكويلينج" شكل أمامها نقلةً مميزة في حياتها فتوضح: "إن في حياة
الشخص لحظة فارقة قد تغير حياته ومستقبله، إن هو اغتنمها واستثمر فيها، وأطلق
العنان لنفسه وخياله وقدراته المدفونة التي ستجعل منه شخصًا مميزًا فعالًا في
مجتمعه، إلى جانب أهمية ذلك في تحقيق ذاته". وتتمنى أن ينتشر هذا الفن بشكلٍ
أوسع مما هو عليه وأنْ يحظى باهتمام أكبر من المؤسسات المعنية بالفن. (الشرق)
المصدر